هل اسميه عشقا بقلم سولييه نصار
كل شئ جميل معها ...شعر أن الظلام سيطر على حياته مجددا...كان جالس على الفراش وهو يمسك بلوزتها التي لم تأخذها معها ...ضمھا إليه والدموع تنساب من عينيه...حتى لو لم يكن بينهما اي علاقة بعد الآن ولكنها ستظل المرأة الوحيدة التي دق قلبه لها ....
نهض فجأة من وخرج ...انه يختنق ...يجب أن يتكلم مع ميرال ...هي الوحيدة التي سوف تتفهمه ...هي الوحيدة التي سوف تحمل هذا الثقل عن قلبه ....
في المشفى ...
يا فادي ...يا فادي يا ابني ...يا فادي يا حبيبي ....يا فادي تعالى ...تعالى لأمك ...ليه ابني يارب ....أنا اللي ظلمت ليه يتحرق قلبي على ابني ...ليه عاقبتني بيه ...كنت تعاقبني بأي حاجة غير دي يارب ....يارب رجعلي ابني ...رجعلي ابني يارب ...
كانت صفية تبكي وهي في رواق المشفى ....لقد اخبرها الطبيب ان ابنها سوف يخضع للتشريح لمعرفة سبب الۏفاة ثم يتم دفنه ...هذا الشئ حطمها أكثر ...ابنها العزيز ...الذي فعلت المستحيل كي تجعله يعيش حياة سعيدة معها ....فعلت المستحيل لتنفذ كل ما يطلبه...لم ترد ان تحرمه من شئ ...ولكن بالنهاية خسرته ...خسړت ابنها
قالها الطبيب الشاب بشفقة فنظرت إليه صفية وأمسكت كفه وهي تنهض وهي تقول
والنبي يا ابني اكشف عليه تاني يمكن يكون حي....أنا حاسة بكده ...ابني مستحيل يسبني ...يا ابني وحياة أغلى حاجة عندك أعمل المستحيل ورجع أبني وهديك الفلوس اللي انت عايزه...والله انا مش عايزة أي حاجة غير ابني ...شوف أنا عندي بيت كبير أربع اوض وصالة ومطبخ كبير وحمام ...ومعايا فلوس كتير في البنك...خد كل حاجة ...وكمان معايا دهب أه والله العظيم معايا دهب هدهولك ...خد كل حاجة ورجعلي فادي ....
ربنا يصبرك يا حاجة ...ربنا يربط على قلبك يارب ...
ثم تركها وغادر ...
استنى يا بني رايح فين ...روح رجعلي فادي ...رجعهولي ...
جلست على الأرض مرة آخرى وقالت
طيب ياربي انا أعمل ايه !يارب أنا أتصرف ازاي ...اعيش ازاي من غير فادي ...فادي ده نبض قلبي وعيوني....هو كل حياتي ....أعيش من غيره ازاي يارب!!!!
في المساء ....
في البناية التي تسكن بها ميرال ...
اقتربت من شقتها لتلج بعد يوم طويل في العمل الى منزلها ولكنها تجمدت فجأة وهي تجد عيسى يجلس أمام المنزل ...
عيسى!
قالتها پصدمة ..
قولي بس ايه اللي حصل !..مالك يا عيسى ...كل مشكلة وليها حل ...
وهكذا ظلت تواسيه الا ان هدأ كليا فأدخلته المنزل ...
.......
وبعد ان قص عليها كل شئ ...جهزت له هي كوب الشاي بالنعنا ليهدأ قليلا ....
أشرب واهدأ...
تناول منها الشاي شاكرا وقد أحس بالراحة ...ابتسم وقال
كنت عارف اني لما اتكلم معاكي ههدى. شوية ..لازم اعترف ان عندك قوة سحرية تخلي الناس تهدى ...
ابتسمت له وقالت
بس ده هيكون مؤقت...أنت لازم تحل المشكلة من جذورها ...لازم تبقى سعيد ...فهتعمل ايه !
هطلقها...
تفتكر كده هتبقى سعيد يا عيسى لما تطلق اللي بتحبها ...
مش هكون سعيد بس اللي بتطلبه صعب يا ميرال ...أنا مقدرش أسامح ...وهي متقدرش تعيش مع الشخص اللي هيسجن ابوها.
..احنا علاقتنا مستحيلة ....
ابوها انت قولت خلاص انه تعبان..فمفيش فايدة أنك تحبسه ...انت هتستفاد ايه !فاكر بما تحبسه وهو يعتبر لي آخر ايام حياته وبعدين فايا تسيبك وتخسرها انت كده هتبقى مبسوط....سيب عقابه لربنا يا عيسى وكفاية كده ...عليش مبسوط مع اللي بتحبها ...الفرص دي مش بتيجي كتير ...لو الاڼتقام هيدمرك يبقى تتخلى عنه ...أعمل الحاجة اللي تخليك مبسوط ..
نظر عيسى إليها مطولا وقال
هو أنا ليه محبتكيش أنت !
رغم جنون دقات قلبها الا انها ابتسمت في وجهه وقالت بمرح
عشان احنا ملناش سلطان على قلوبنا يا عيسى ...وأنت قلبك معاها...مضيعهاش من إيديك ...مامتك مش هتكون فرحانة لما تضيع حب حياتك من إيديك عشان الإنتقام ...روحلها ..يالا روحلها ...
شكرا ...شكرا اووي يا ميرال ..
أنا رايحلها ...سلام ...
ثم غادر سريعا لتبتسم دامعة وهي تقول
سلام يا عيسى .....
..........
في منزل نصار ....
في الصالة
مش هتعالج يا فايا واقفلي على الموضوع يا حبيبتي بقا ....
يا
بابا اسمعني بس ...
قولت لا يا فايا ...خليني اعيش الباقي من عمري معاكي ...
سامحيني يا بنتي ..
أسامحك على أيه !
قالتها بصوت مخټنق ليرد
سامحيني على اللي عملته ....سامحيني اني مكنتش اب كويس ليكي ...أنا حبستك في البيت ...افتكرت أني بحافظ عليكي ...خۏفت كتير يحصلك زي ما عملت في ام عيسى .
.بس للأسف مقدرتش أحميكي ...
كانت دموع فايا تتساقط دون توقف وقالت
عيسى معملش حاجة يا بابا ...أنا اتأكدت... ...مقدرش يعمل فيا زي ما أنت عملت في مامته ..
أغمض فؤاد عينيه وهو يشعر پألم شديد في قلبه......هذا ما كان ينقصه ليجلده ضميره اكثر...ليخبره ان عيسى افضل منه بألف مرة ...وانه لا شئ أمامه ...لا شئ على الأطلاق. ...منذ ان عرف بمرضه وهو يعيش حالة من الجنون الخالص ...النهار كله يحاكمه ضميره بشراسة وعندما ينام تزوره الكوابيس بشأن ميرا ...تلك الملاك التي تدمرت حياتها على يده....
أغمض عينيه بتعب وقال
ربنا بيعاقبني ...حق عيسى وأمه بيرجع ...أنا خلاص ھموت قريب ...
كانت فايا تنظر الى والدها وقلبها يعتصر من الألم ...ضمت والدها بقوة وهي تبكي پعنف ...
فجأة رن جرس المنزل وفتحت الخادمة الباب لتلج صفية وبعينيها نظرات غريبة ...نظرات مچنونة وغاضبة ....
أتجهت الى شقيقها الذي وقف ينظر إليها بحيرة وقالت
أنا اتصلت بيك مليون مرة ليه مردتش
عبس وقال
انا موبايلي سيبته فوق وعامله سايلنت ...خير يا صفية فيه حاجة !
ابني ماټ ....فادي ابني ماټ .... وعايزيني استلم جثته عشان ادفنه ...
رفعت كفيها وقالت
تخيل ابني اللي شيلته سنين بإيديا دوول وأنا ألعبه دلوقتي هدفنه بإيدي برضه...وكل ده بسببك ...
كان فؤاد ينظر إليها پصدمة ويقول
فادي ماټ !!!
ايوة ...ايوة ابني ماټ ...أنا اهو بتعاقب لاني سمعت كلامك ...لاني غدرت بالست اللي جوزتني اخوها وعاملتني زي اختها ....أنا بتعاقب بسبب عمايلك ...ابني ماټ ...وانت اهو بنتك في !!!
ثم نظرت الى فايا بشړ وقالت
لازم بنتك ټموت كمان ...لازم ټموت!!!!
ثم أخرجت السکين من حقيبتها وتقدمت من فايا لتضربها ....وقبل ان يتصدى لها فؤاد كانت قد غرست السکين فايا لتسقط على الأرض ...
فايا !!!
صړخ فؤاد وكاد ان يقترب منها وهو يبكي الا ان صفية طعنته هو أيضا ليسقط بجوار ابنته !
يتبع
الفصل الأخير الماضي ينتهي
هل هو فصل جديد من حياتنا يبدأ ...لا مزيد من الكره بعد اليوم أحبيني فقط !
........
جلست صفية بالقرب من شقيقها الدموع تنهمر من عينيها المتسعة بينما ضحكات مختلة تنطلق من فمها وتقول بخشونة
ما هو أنت مش بنتك تعيش وتفرح بيها وانا ابني اللي حيلتي ېموت ...انت كنت شريكي في الچريمة يا فؤاد ولازم تتعاقب....لازم قلبك يتحرق زيي ...وفي آخر لحظات حياتك اهو هتراقب بنتك وهي بټموت ....
كانت عيني فؤاد متسعة بينما يضع كفه المخضبة بالډماء على بطنه التي ټنفجر منه الډماء. ...ادار فؤاد نظره نحو ابنته المراق ډمها مغمضة عينيها....لا يبدو عليها أي من مظاهر الحياة ...طفرت الدموع من عيني فؤاد وشعر بالعجز...ها هي ابنته ...قطعة من قلبه ساقطة على الأرض وهو غير قادر على فعل أي شئ لها ....انه عاجز تماما ...يشعر انه مكبل ... ضعيف كضعف ذلك الطفل الذي حاول يوما أن يحمي والدته ففشل تماما...انه نفس العجز ...لا شئ تغير على الإطلاق!!!
فايا !!
قالها فؤاد بصوت خاڤت والدموع ټنفجر من عينيه اكثر ...قلبه ېتمزق من الألم ....يحاول الوصول إليها فلا يستطيع.....شعر أن غشاوة سوداء تحجب الرؤية عنه شيئا فشئ ...الى أن فقد الوعي تماما!!!!
........
بعد قليل ....
كانت سيارات الأسعاف والشرطة تحوطان المنزل الكبير من كل إتجاه ....كان عيسى يحاول الولوج إلى المنزل وهو يشعر أنه سوف يفقد عقله ولكن الشرطي لم يسمح له ...تجمد فجأة وهو يرى الضابط يجر صفية خلفه بينما هي تضحك پجنون ....ولكن ما أن نظرت إلى عيسى اختفت ابتسامتها للحظة واحدة فقط ...ولكن في اللحظة الثانية ازداد جنون ضحكاتها وهي تقول
قتلتهالك ....قتلتلك حبيبة
القلب هي وأبوها!!!!
.......
نحن لا ندرك قيمة الأشياء الا عندما نوشك على فقدانها ....يتمكن الكبرياء منا فنفقد أجمل الأشياء التي نمتلكها ...هكذا هو الانسان...لا يعرف قيمة الصحة الا عند مرضه ...ولا يعرف قيمة الحبيب الا عن خسارته ....وعيسى لم يدرك قيمة فايا لديه الا عندما وجد المۏت يأخذها منه ...يسحبها نحوه ...بينما هو يقف دون حراك...وللمرة الثانية تسلب روحه دون أن يتمكن من فعل اي شئ.....يومان...مر يومان منذ أن أتت الى المشفى هو ووالدها...والدها الذي لم يتحمل وماټ فور وصوله للمشفى وبقت هي فاقدة للوعي ..محاطة بأجهزة التنفس ...لا يوجد شئ بها يدل على انها حية غير قلبها النابض .....ظل عيسى وميرال طوال الوقت بالمشفى ... قلوبهم تزأر من الړعب ...ينتظران بلهفة أي أمل ...كانت ميرال تصلي دوما وتدعو الله أن تنهض فايا ...لقد أحبت تلك الفتاة ...بل عشقتها رغم أنها لم يسبق أن تتعامل معها ...فالفتاة التي يحبها شخص مثل عيسى لن تكون
إلا فتاة مميزة تستحق الحب ..ورغم مشاعرها القوية نحو عيسى لم تحقد على فايا أبدا..لا يمكنها أن تحقد على فتاة رائعة مثلها ....
ويبدو أن دعوات عيسي وميرال قد أجابت لأن فايا بالفعل استيقظت ...
.....
فها هو عيسى يجلس بجوارها على الفراش وعينيه رطبة بفعل الدموع بينما ينظر إلى عينيها الرائعة...تلك العينين التي غرق بهما من أول يوم رآها فيه ...فقد نبض قلبه نبضته الأولى حينها ...رغم مواصلة إخباره لنفسه أنها لا شئ بالنسبة له ...ولكنه اكتشف انها كل شئ ...اكتشف انها الحياة !!!!
فايا حبيبتي ..
....نظرت إليه فايا وقالت بضعف
بابا !
تلاشت الابتسامة من على شفتيه وتجهم وجهه ...ابتلعت ريقها وارتفع صوت نحيبها وهي تقول
ماټ صح !
ربنا يصبرك .
هذا ما أستطاع قوله ...رغم كل شئ عجز عن الدعاء له بالرحمة ...مۏته لم يشفع كل ما فعله به ....
آه ...بابا....
صړخت فايا بإنهيار ثم أخذت الدموع تنهمر من عينيها بلا توقف وهي تشعر أنها أصبحت وحيدة كليا
بابا ماټ....يعني خلاص مبقاش ليا حد ...بابا ماټ خلاص !!!!
ششش متقوليش كده ...أنا معاكي وهفضل دايما معاكي ...عمري ما هسيبك يا حبيبتي... أنا معاكي....
ابتسمت ميرال بحزن وهي تنسحب من الغرفة تاركة لها بعض الخصوصية ...تستطيع بكل تأكيد أن تقول الآن أنها ارتاحت نسبيا ...فهو هو عيسى قد وجد سعادته مع امرأة يعشقها ...والآن كل ما عليها فعله أن تذهب وتبحث عن سعادتها هي أيضا...تبحث بضراوة حتى تجدها !!
........
بعد شهر .....
أمام قبر فؤاد نصار ...
كانت فايا تجلس أمام القپر