الأربعاء 27 نوفمبر 2024

بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف

انت في الصفحة 43 من 67 صفحات

موقع أيام نيوز


وعشرا
سيدنا النبي عليه الصلاه والسلام حدد المدة كما ذكرت في القران وقال لا يحل يعني إنتي كده ډخلتي في منطقة الحرمانية من بقالك اربع شهور ومستنيكي تقلعيه منك لنفسك وترضي بحكم ربنا وقضاء وقدره وانتي مكمله زي ما
انتي  
كالعاده استنكرت نصح والدها واردفت بامتناع
لا يا بابا انا عمري ما هقلع الاسود على باهر خلاص ده بقى لبسي لحد ما اموت  

اتسع بؤبؤ عينيه مرددا برفض 
يا بنتي هو إنتي دماغك ناشفه كده ليه إنتي ما سمعتيش حديث الشيخ الشعراوي اللي كان بيتكلم في الموضوع ده بالتحديد وفي كلامه قال سنكر علي باب الحزن بمسمار الرضا اصل الحزن لو انسكر عليك مش هيخلي لك حبيب ربنا يبارك في عمرك وعمر ولادك وعايزك من دلوقتي تقومي تفتحي تليفونك وتشوفي شغلك اللي اكيد متعطل وتضمي ولادك وتخلي بالك من نفسك ومن صحتك واعتبري اللي فات من حياتك ذكرى جميله ما تنسيهاش طول العمر وده حال الدنيا يا بنتي  
انه الأب حديثه للروح
طبيب وانفاسه للقلب دواء ووجهه بابتسامته للعمر اهداء 
فالأب مثله كمثل
النهر يمر بجانب شجرة يحييها يطعمها يسقيها الماء يستمر في الرقص فهو لا يتشبث بالشجرة تسمح الشجرة بزهورها على النهر بامتنان عميق والنهر يمضي قدما  تأتي الرياح ترقص حول الشجرة وتمضي قدما  والشجرة تعير عطرها للريح    فإذا كبرت الإنسانية ونضجت فستكون هذه هي الطريقة للحب
بعد مرور يومان علي تلك الأحداث قررت ريم أن تخرج من صومعة الحزن وتستعين علي الذكر والاستغفار لراحة قلبها 
ثم فتحت هاتفها التي كانت تستخدمه للعمل والتصميم فريم
كانت تمتلك هاتفان أحدهم خاص بعملها وتصميماتها والآخر كان للتصفح فقط 
وعندما فتحته وجدت كما هائلا من الرسائل الخاصه بالمؤسسة التي تعمل معها وبدأت بتصفحهم والرد علي أغلبهم 
ومن ضمن الرسائل وجدت واحدة منهم لرقم لم تعرفه وفتحتها وقرأت محتواها 
السلام عليكم ورحمه الله البقاء لله وحده يامدام ريم أنا مالك الجوهري إللي حضرتك بتبعتي تصميماتك لمصنعه عرفنا باللي حصل بعد ماحاولنا الإتصال عليكي كتير وكان من الواجب إني أعزيكي  
قرأت الرسالة ثم ضغطت علي صورته الخاصة كي تعرفه 
ثم قررت أن من الواجب أن تشكره علي تعزيته 
وأرسلت له
ونعم بالله العلي العظيم جزاك الله خيرا ولا أراكم سوءا في عزيز لديكم  
وصله محتوي الرسالة وعندما فتحها ابتسم تلقائيا ورد عليها في نفس الوقت
جزانا وإياكم وأتمني أتشرف بمعرفة صاحبة التصميمات الرائعة
ونشتغل مع بعض وجها لوجه وأنا واثق إننا هنعمل ضجة
كبيرة في عالم الفاشون 
قرأت محتوي الرسالة وردت باختصار
بإذن الله هفكر وهرد علي حضرتك  
بعث لها
أتمني يكون التعامل في أسرع وقت 
بعد مرور أسبوعين علي تلك الأحداث ذهب جميل إلي منزل راندا هو وزوجته فريدة 
يجلسان معها وتحدث جميل ېعنفها بشدة
جوزك رجع من سفره على
ملا وشه بعد ما هددتيه انه لو ما رجعش وطلقك بشروطك اللي إنتي فارضاها عليه هتخلعيه وهتفضحيه 
واسترسل غاضبا وهو يلوم نفسه غاضبا
إنتي متعرفيش إن الأبناء مراية الأباء!
بقي كدة تطلعي صورة أبوكي إللي طول عمره مثال القناعة وعزة النفس بالشكل ده !
اڼهارت من حديث والدها وهدرت بصوت عالي
انت ليه يا بابا جاي عليا قوي كده للدرجه دي!
مش حاسس بيا ولا حاسس بۏجعي كلكم عمالين تجلدوا فيا سواء انت او بنتي او ابني او حتى ريم اختي ليه كلكم بتعملوا فيا كده ليه !
أمسك أبيها يداها ونظر داخل عيناها بترجي مرددا بحړقة قلب 
يابنتي لأخر مرة بقولك احسبيها صح علشان وقت
الڠضب الإنسان أعمي ولو كان بصير  
عثت في جوفها حربا أشد من أن تتحكم بها ومن أن ټقاومها ورددت بشموخ ورأس مرفوعة أصغي إليها كل الموجودين في المكان هاتفة بقوة 
أنا أستاهل راجل يحطني جوة عينيه 
أنا أستاهل راجل يندم علي فراقي حتي لو صممت هو يصمم عليا أكتر يتبت فيا ويحسسني اني غالية عنده مهما حصل 
واسترسلت حديثها بۏجع وهي تجلس
علي الكرسي الموضوع بتعب واڼفجرت دموع عيناها
أنا يا بابا أستاهل راجل يعرف إني قد إيه غالية 
أستاهل راجل يقدر إللي أنا عملته له ويشكرني عليه
أستاهل راجل بجد حافظ عليا ويطبطب علي قلبي المجروح 
أستاهل ضهر أستاهل سند أستاهل حب  
وانفطرت في البكاء أمام والديها ولم يهمها كرامة الأنثي المچروحة وانكشف وجه الأنثي الضعيفة 
أحست بها والدتها بشده وادمعت عيناها على كبيرتها التي راتها بقلبها قبل عينيها واخذتها بين ها تهددها مرددة بحزن
يا بنتي حرام عليكي اللي بتعمليه في نفسك ده وبتعمليه فينا 
اه يانا يا حزن قلبك يا فريده علي بناتك يا مخلفه البنات يا شايله الهم للممات 
واسترسلت وهي تهدأها
اهدي بقى يا بنتي وطالما إنتي شايفه نفسك هترتاحي في الطلاق وهتقدري تتحملي مسؤوليه وعواقب حاجه شكل دي يبقى ما باليد حيله وباباكي هينفذ لك اللي انتي عايزاه  
واثناء انشغالهما بالحوار استمعوا الى جرس الباب يعلن عن وصول ايهاب
قام جميل يفتح له الباب وما إن رآه ايهاب حتي ارتمي في ه يصافحه بحرارة قائلا
عمي جميل ازيك يا راجل
يا طيب ليك وحشه والله 
فهو رجل خلوق في معاملاته 
افسح له المجال بالدخول وما إن دلف باتت عينيه تمشط المكان بلهفه فقد كان عشا سعيدا يجمعه بحبيبته وزوجته وابنائه فقد كانوا عائله كريمة يزينها الحب والاهتمام وانقلب الحال واصبح المكان يزينه الكره الشديد 
ينظر الى كل ركن
في المكان ويتذكر ايامه التي عاشها من كل عام في هذه الشقه 
نعم فقد عاش فيها اياما قليله من كل سنه بالرغم من زواجه منذ اكثر من ثماني عشرة اعوام 
الا انه سافر في السنة الأولى من زواجه من راندا وكان يأتي كل عامين اياما قليلة 
واثناء تجواله بعينيه في المكان استقرت على راندا وبدا له من وجهها انها
كانت تدمع بشده خفق قلبه حزنا لأجلها رغم كل ما بدر منها الا انه يعطي لها عذرا على ما فعله معها فلقد اجرم في حقها جرما شديدا واستسلم للحظات ضعفه ولكن هل يعود الزمان يوما ويصلح من غلطه وما فعل بها مافعل 
اخذت جولته عده دقائق ثم جلس ملقيا عليها سلامه بوحشة
ازيك ياعشرة العمر أخبارك
ايه 
حينما وصل سلامه بتلك النبرة إلي مسامعها أعلنت دقات قلبها الطبول ولم ترد عليه إلا بنظرة عيناها كأنها تعاتبه ولكن العتاب مصاحبا للجفاف 
أحس بدقات قلبها ومن غيره يشعر بها ومن غيره يحس بإحتياجها وحدثته عيناها
ألم ترأفي بحال عاشق انكوي من قسۏة عقابك الذي لم ينتهي بعد !
أجابته عيناها بشدة
ألم تشعر أنت أنك قټلت الإحساس داخلي وما عدت أنا ولست ألقاني بعد !
قرأ إجابتها من نظرة عينيها وردد بأسف بلسان حاله
أعدك إن عفوتي ورددتي لي قلبك سأبقي علي عهدك ولن أقترف بعد  
اهتز فكها وهي تنظر له نظرات خذلان ترد عليه
عينيها بعدم ثقة
أمن الممكن أن يؤتمن الخائڼ ! لا ورب الكون وقول رسوله ان من علامات المنافق من أؤتمن خان 
رأي الأن معني نظرتها أنها لن تسامح قط مهما فعل ومهما اعتذر ومهما حاول مئات المرات وملايينها وأفاق علي صوتها وهي ترد سلامه بجمود
بعد إذنك يابابا اطلب المأذون فورا علشان كدة الموضوع طول وبوخ أوووي  
أحس بوخزة شديدة في قلبه جراء كلماتها وتحدث إلي جميل وهو يناوله ملفا به العقود قائلا
اتفضل يا عمي جميل ده عقد بفيلا في الكومباوند إللي هي قالت عليه ومتوثق باسمها في الشهر العقاري 
وده عقد بملكية العربية نقلته باسمها وبردوا متوثق في الشهر العقاري 
أردفت له بنظرة متعجرفة وتحدثت بكبر 
متفتكرش إن ده منة وفضل عليا منك 
ده حقي
في دهبي إللي بعته لك تسافر بيه
وتبدأ شغلك وكفاحك بيه 
حقي في عمري اللي راح هدر وفي الاخر خڼتني  
حزن داخله من استكبارها وطريقتها المتعجرفة عليه مرددا باستنكار
هو حق كفاحك معايا وعمرك اللي راح ودهبك إللي بتعايريني بيه دلوقتي فيلا وعربية وفلوس في البنك ياراندا !
واسترسل ساخرا
إنتي أغلي وأحسن من إن الكلام العيب ده يطلع منك وكمان في وجود باباكي اللي الأصل الطيب يضرب له تعظيم سلام إنتي حقك عليا ميكفهوش كنوز الدنيا 
أحس جميل بالخذلان الكثير الذي لم تترك ابنته فرصة إلا ووضعته فيه بكل ما أوتيت من قوة وشكره بامتنان
معلش يابني حقك عليا اعذرها 
إللي فيها حلاوة روح بس من اللي عملته فيها ومش مستوعبة لحد دلوقتي 
زفر بسأم ووجد أنهم في حالة لايسمح للجدال فيها فقال
يشهد الله ياعمي جميل اني عملت كل مافي وسعي علشان تغفر وتسامح وهي إللي راكبة راسها ومصممة علي الطلاق إللي هيسبب خړاب
النفوس لينا كلنا 
ويشهد الله إني اعترفت بغلطي وحاولت مرارا وتكرارا إنها تلين مرات بالمحايلة ومرات اني أفكرها بالحب إللي بينا ومرات أبين ضعفي قدامها وأتذلل علشان عارف حجم غلطي ومرات بالبعاد يمكن تهدى لكن هي مصممة علشان هي إللي بعد كدة هتشيل ذنب كل إللي هيجرى بسبب التشتت اللي هيحصل لنا وإنها هتبقي المذنبة الوحيدة قدامكم 
وتابع وهو ينظر إليها بقوة
وطالما هي إللي شدت الحبل
علي الأخر تستحمله بس يارب تفضل مستحملاه علي الأخر وميخنقهاش في النهاية 
رمقته پغضب مستطير من رماديتيها المشټعلة وهدرت به بحدة
مستني تشمت فيا ياإيهاب مش هنولها لك وهثبت لك إني هفضل راندا المالكي وبردوا هحرق قلبك وهشربك من نفس الكاس والأيام بيننا  
اهتز فكيه بسخرية وردد بلا مبالاه
مبقاش يفرق معايا حاجة ياراندا ومهما تحاولي تعملي إنتي المضرورة لوحدك في الاخر علشان أنا عارف ومتأكد مهما عملتي ولفيتي وجربتي في النهاية مش هتعرفي تبدليني ولا حد في الدنيا دي هيقدر ياخد مكاني  
خشيت أن تضعف فصاحت بقوة مصتنعة
عادي مهما تبين عدم اهتمامك وانك مش فارق معاك
بس العيار إللي ميصبش يدوش 
بعد عدة ساعات
قضوها في المناقشات والمحاورات تم الطلاق وانفصلا راندا وإيهاب في موقف مهيب 
خړاب البيت ودماره موقف له رهبة ممېتة لجميع الأطراف وخاصة لزوجين عاشقين 
بعد ساعتين من الطلاق غادرا الجميع وما إن أصبحت وحدها حتي انخرطت
في بكاء مرتفع تدمي لها القلوب واڼهارت اڼهيارا كليا وكأنها بفعلتها تلك انتقمت من حالها لا منه هو 
بعد مرور ستة أشهر أخري تغيرت فيهم حياة الكثيرين تماما فقد دخلت راندا مرحلة اكتئاب شديد بعد الطلاق مما أدى إلي تطور أبنائها في طريق الضياع أكثر وأكثر وهي لم تعد تخرج من تلك الدوامة 
أما مريم تدربت كثيرا في البنك وأثبتت جدارتها بمهارة فائقة واستلمت مكانها وتتنقل في مجال المحاسبة
ببراعة تحت تدريب جميل شخصيا وعلاقتها برحيم أصبحت أكثر عشقا وغراما وأصبح يغار عليها غيرة عمياء فقد تغير مظهرها الخارجي كليا بمجرد رتوش بسيطة في ملبسها المحتشم
لكن أصبح عصريا يليق بصاحبة العيون الفيروزية 
وأما عن إيهاب انخرط أيضا في دوامة الحزن وكان يري أبنائه قليلا جدا نظرا لأنه انشغل في تجهيز مكتبه الهندسى الذي أنهاه في
 

42  43  44 

انت في الصفحة 43 من 67 صفحات