بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف
فاتت وانت مجتش علشان نتفق على شغلنا مع بعض
أجابها بإبانة
والله كان عندي كذا ميعاد هنا قلت أخلصهم وأنا موجود
واسترسل حديثه يبادر بعزيمتها علي الغداء
ايه رأيك تحبي نتغدي مع بعض
بكرة ولا مشغولة
كانت تتراقص فرحا بداخلها لأجل عزيمته والتي كانت ستبادر بها قبله إلا أنه فاجأها بها وهتفت بموافقة
فرك في عينيه بإرهاق من تعب اليوم وأجابها بصدر رحب
معنديش مانع طبعا يابرنسيس جوليا
قال كلماته الأخيرة بنبرة إطرائية جعلتها تبتسم علي ذاك الوسيم الراقي في تعامله
والتي لاحظت رقيه منذ المرة الأولى
لمقابلتهم معا
الذي ألفه قلبها كثيرا وأنهته بامتنان
بجد إنت لطيف جدا يامالك وراقي في معاملتك
واسترسلت حديثها بتأكيد
هبعتلك اللوكيشن للمكان وهستناك بكرة بإذن الله
Good night Malek
انتهي الحديث بينهم فحقا كانت جوليا مستمتعه جدا بالحديث معه
انقضت تلك الليلة الأليمة علي الجميع حيث باتت ريم ليلها دون أن تنام بسلام
راندا ليلة ميلاد جرحها بدموع وآلام
وبات مالك ليلته وهو يفكر في حياته وعن ماينتظره بصبر واستسلام
أما عن رحيم فقد أخذ مريم معه الي منزله بعد أن حاډث والده أن معه ضيفا سيأتي إلي منزلهم فليستعدوا للقائة
وصل رحيم أخيرا إلي المنزل ومريم تمشي بجانبه خجلا من الموقف ولكن ماذا عساها أن تفعل
خلقها لن ينساها
فدائما تردد قول الله تعالى لقد خلقنا الإنسان في كبد لكي تشعر نفسها دائما انها في امان في وجود خالقها دائما وابدا
صعدوا درجات السلم المعدودة وهو يحسها بأعينه على الصعود بأمان فنظرة عينه كفيلة ان تهدئ قلبها من الخجل
دخل واشار بيده إليها ان تتقدمه دخلت وهي تومي بعينيها ارضا وهي تلقي السلام خجلا
اجابوا سلامها بكل ابتسامه يتبعها استغراب
بعد ساعه تقريبا من حديثهم مع بعض الذي قصه عليهم رحيم منذ بدايه المشكله الخاصه بمريم الى نهايتها فتحدث ذلك الخلوق جميل
ثم وجه كلامه الى رحيم قائلا له
علشان تبقى على راحتها يا ابني وديها المضيفه اللي انا عاملها لاخواتك البنات لما يجوا هما وأجوازهم عشان يبقوا على راحتهم
واسترسل حديثه وهو ينظر الى مريم بحنو
تعرفي ان الفرق ما بين اسم بنتي واسمك حرف الميم بس يعني لو كان عندي بنت تالته كنت هسميها على اسمك يا قمر انتي
عايزك تعتبري البيت بيتك وعايزك تروحي تنامي وتقضي ليلتك الآمنه في هدوء علشان خاطر نفكر هنحل مشكلتك دي
ازاي وما تقلقيش رب الخير لا ياتي الا بالخير
11
أتى الصباح محملا بالأثقال والهموم على ابطالنا الذين دهستهم هموم الحياه وضغطت بكل قوتها على قلوبهم البريئه وجعلتها دامية
في منزل جميل المالكي ظهرا بعد ان استيقظ الجميع وكان اليوم عطلة رسمية
يجلسون جميعا على طاولة الطعام يترأس الطاولة جميل وبجانبه فريدة زوجته وفي خط المقابل رحيم وتجاوره تلك التي طحنتها الحياة غدرا
حيث ردد جميل الى مريم بابتسامة بانت على ثغره آمرا اياها بلطف
شوفي يا مريم يا بنتي دلوقتي تفطري معانا وتعتبري البيت بيتك مش عايز منك توتري نفسك علشان احنا داخلين على مرحلة صعبة في مشكلتك المعقدة دي مع الناس اللي لا تعرف دين ولا رب دول
كانت
تلك المريم في عالم آخر عالم الأسره العائلة التي حرمت منها منذ أن وعت حالها كائنة تعيش في عالم مختلف عن طبيعة طفولتها والتي كان من حقها ان تعيشها ولكن إرادة الله فقط لا غير
كانت تنظر اليهم بعين الاشتهاء لعالم حرمت أن تعيشه طيلة حياتها
تود أن لا تتركهم بعد ان عاشت ليلة آمنه لن تعيشها من قبل رغم روع روحها جراء ماأصابها ليلة أمس
وما ان وجه جميل الحديث اليها بكلماته الحنون التي عبرت قلبها حتى اجابته بابتسامة هادئه كعادتها تنم عن مدى شكرها وتابعت ابتسامتها بكلمات خرجت
خجلا من فمها بصعوبة
والله يا اونكل انا عمري ما شفت ولا هشوف ناس زيكم وفي كرم أخلاقكم ربنا يجعله في ميزان حسناتكم يارب
أما عن فريدة فكانت مت الوضع بثقل علي قلبها فهي من نظرة واحدة من عيونها لولدها أدركت مدي وقوعه في عشق
تلك المريم وذلك جعلها
تشتعل بداخلها وباتت تحدث حالها علي طاولة الطعام وهي تتنقل بنظراتها بينهم
ياتري ايه حكايتك يارحيم مع البنت دي
النظرات مش مطمنة لها ولا مرتاحة لها ويارب مايطلع إللي في بالي صح علشان لو طلع زي مانا متخيلة كدة هتقلب غم علي راس الكل
فاقت من تيهتها علي صوت تلك اليتيمة وهي تمدح في صنع يديها هاتفه لها بشكر
بجد تسلم ايدك يا طنط الأكل تحفة جدا
وتابعت حديثها ولمعة الدموع بدت من عينيها مرددة بحنين
تقريبا ما أكلتش
الأكل ده من زمان من ايام ما كان عندي ست سنين ايام ما كان عندي بابا وماما الله يرحمهم
انقطع قلب الآخرين على تلك المسكينة من ذكرياتها الأليمة التي فطرت قلوبهم مما جعل تلك الفريدة قلبها
يرق لها ويئن ۏجعا
فتحدثت فريدة معقبة على حزن تلك المقهورة بتهوين
على حالها وهي تناولها الشطيرة بحنو
طيب خدي قطعة الكرواسون دي الأول ودوقيها وقولي لي ايه رايك فيها وبعدين عيطي براحتك ما انا خلصت من ريم بنتي وعياطها علشان خاطر افوق لعياطك إنتي كمان يا ست مريم
قالت كلماتها بنبرة فكاهية لكي تري الابتسامة على وجه تلك التي اثرت في قلبها بسبب حديثها الأخير الذي آلمها كثيرا
وعلى فكاهيتها تحدث رحيم الى التي كل يوم بل كل لحظة تسكن كيانه اكثر من ذي قبل معقبا بنبره إطرائية
شوفي بقى ماما في المعجنات تاخد الاوسكار ولا اجدعها شيف معجنات يقدر يعمل بنفس طعامه ايد ماما
انفرجت اساريرها من تفاخر وحيدها واطرائه على طعامها
ثم تدخل جميل في الحديث قائلا لها بود
شوفي يا مريم يا بنتي من النهاردة تعتبري البيت ده بيتك وان شاء الله
لما مشكلتك تتحل مش هنسيبك علشان إنتي دخلت قلبي
شكرته بامتنان بان على معالم وجهها ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة عقب ذكره لمشكلتها مرددة بعيون كلها رجاء
هو حقيقي ممكن مشكلتي دي تتحل يا اونكل ولا انا كده خلاص خسړت كل حاجه كليتي ومستقبلي ومصيري هتبقى الأحداث لو عرفوا طريقي واللي اكيد هيعرفوه لما اروح الجامعه
حزن رحيم لأجلها كثيرا وحدث حاله بكلمات توجعه عليها
لما كل ذاك الحزن تجمع في حضرتك متيمتي التي سلبتي عقلي وأصبح يفكر بكي كل وقت وحين
قلبي وعقلي وروحي بل وكلي بات متعلقا بكي وكأنكي أصبحتي منه وبات موجوعا لوجعك
وقلبي دقاته تدق أبوابك تارة عشقا وتارة ألما وتارة شوقا لرؤيا بسمتك
وأجابها بكلمات بثت الطمأنينة داخلها قائلا بابتسامة أمل
متقلقيش يامريم مش هتروحي الجامعة إلا لما نشوف حل لمشكلتك دي ولا هتخرجي من هنا من أساسه غير وإنتي في أمان بإذن الله
أما جميل تحدث ناطقا بإيضاح
شوفي يابنتي أولا خلي عندك ثقة في ربك إللي سترك السنين دي كلها إنه مبينساش حد وهيسترك عمرك الجاي طالما فضلتي متمسكة بإيمانك بيه
واسترسل بعيناي تفيض حنانا باقتراح لكي يجعل بالها يهدأ
وثانيا بقي ياستي أنا عندي مهندس كمبيوتر عبقري في البنك هعزمه هنا علي فنجانين قهوة وهنعرض عليه مشكلتك من البداية وأنا عندي ثقة فيه بعد ربنا سبحانه وتعالى هيقدر يوصل لحل يرضينا كلنا وربنا إن شاء الله هيسخر لك جنوده إللي هتحفظك
وترعاكي
واستطرد وهو يقوم من علي طاولة الطعام بدعابة
أنا شبعت الحمدلله وعايز أشرب قهوتي من إيدك
قولي لي بقي بتعرفي تعملي قهوة ولا فاشلة في المطبخ
ابتسمت بإشراقة علي دعابته وقامت من مكانها وهتفت باستئذان من فريدة وهي تنظر لها وتشمر عن ساعديها باستعداد
طبعا ده أنا أصلا أحلي حاجة بعملها القهوة
بعد إذنك ياطنط أقتحم مطبخك وأعمل لعمو جميل فنجان قهوة
أشارت إليها فريدة قابلة بدعابة مماثلة لجميل
اتفضلي ياحبيبتي هتريحني والله من طلبات القهوة والشاي إللي مش بتخلص الساحة ليكي وورينا شطارتك
هرولت مريم بنشاط كي تصنع قدح القهوة لجميل والشاي لها و لرحيم وفريدة بعد أن سألتهم عن مشروبهم المفضل بعد الطعام
نظرت علي أثرها فريدة وهي تتنهد بتعب من صراعها الداخلي لتلك المريم
فهي في
صراع بين قلبها وعقلها في معضلة تلك الفتاة التي اقټحمت حياة ولدها
ومن ثم حياتهم
ويبدو لها
أنها ستعاني كثيرا من ذاك الصراع فالعقل يرفض وجودها بينهم والقلب يأمره أن يصمت
وبين صراع العقل والقلب أرواحا تنهك مشقة وكبد ليس لهم نهاية
بعد مرور عشرة دقائق خرجت إليهم بآنية المشروبات ووضعتها أمامهم وأعطت كل منهم كوبه وعلي الفور تذوقوه وحقا كانت بارعة في صنعهم
واستاذنت منهم أن تخرج إلي حديقة المنزل تتنفس هواها الذي يشعرها بأنها دون أوامر أو قيود
فأذنوا لها بكلمات أشعرتها أنها صاحبة منزل مثلهم ولها مطلق الحرية تفعل كما تشاء
خرج معها رحيم معللا بنفس حجة مريم ولكنه بداخله يريد التحدث معها بمفردهم فهي صارت تشغل حيزا كبيرا من تفكيره بل أصبحت كل تفكيره
خرج الثنائي الهادئ متخذين المقاعد الموجودة مجلسا لهم
وبعد أن استقروا ردد
رحيم متسائلا بوجه بشوش
عرفتي تنامي امبارح ولا قلقتي زي كل يوم
تنهدت بتعب وصدر محمل بالهموم عما يجيش في كل حواسها من هواجس وخوف جراء ماحدث
لها وهتفت بحمد
جدااااااااااا الحمدلله بقالي كتييير منمتش بعمق كده
واسترسلت حديثها بتذكر
بس خاېفه وبحلم بيوم ضياعي اللي مستنيني أوووي يارحييم
انقبض قلبه بالدقات لشعورين متضادان شعور الحب الذي أصابه عندما نطق لسانها اسمه كأعذوبة خرجت من بين شفتيها
وشعورا آخر خوف وحزن علي أمانها التي افتقدته وهي زهرة بريعان شبابها تحزن كل ذاك الحزن
شعورين في آن واحد بدقات واحدة لكن دقاتهما مختلفة كليا عن الأخري
فنظر لها بأعين تفيض حنانا كي يطمأنها ويهدأ من روعها
عايزك تطمني قلبك وبالك وتستجمي كدة علشان أنا مش هسيبك أبدا وهفضل جمبك يامريم
دقات قلبها أعلنت الطبول علي حديثه الحنون وعيونها صارت تنظر له بتعجب وحيرة
وأفلت لسانها
بسؤال نابع من قلبها دون أن تحسب له حسبان
ممكن أعرف إنت بتعمل معايا كدة من باب الشفقة والعطف
انتابه شعور حزن مغلف بالكبرياء
علي شخصها
وعلي تفكيرها بقلة لكونها في
نظره أغلي من أي ثمين
وانطلق لسانه معبرا عن قلبه بدون حسبان للمنطق